تحتفظ مدينة البصرة القديمة بكثيرٍ من المعالم التاريخية وعناصر التراث الحضاري، ومنها البيوت القديمة وتعرف محلياً بـ “الشناشيل” البصرية، منفردة بهوية عمارها الإٍسلامية ودقة تفاصيل زخارفها التي أبدعها الحرفيين، لتشكل في مجملها قطعة فنية بديعة.
ولسرد عنوانين الجمال والأطر المعمارية الفريدة في بيوت البصرة القديمة التقت وكالة الأنباء السعودية بعميد كلية الفنون الجملية بجامعة البصرة الدكتور علي الكناني، الذي أوضح أن الشناشيل عناصر معمارية فريدة تستخدم في المباني القديمة والقصور وتبرز بشكل لافت في مدينة البصرة، مشيراً إلى أن “الشناشيل ” تعرف بالمشربية في بعض البلدان العربية، وتمثل إحدى عناصر العمارة التقليدية في البلاد العربية وتعود بدايتها في القرن السادس الهجري (الثالث عشر الميلادي) إبّان العصر العباسي، وظلت نمطاً معمارياً حتى أوائل القرن العشرين.
وبين أن بيوت “الشناشيل” البصرية تمتاز بالمتانة والجمال، وتتألف من طابقين، الأول، يبنى بالطابوق (مادة بناء)، والثاني، تكون واجهته من الخشب، وهي بخلاف البيوت التقليدية تمنح سكانها إحساساً بالجو الخارجي دون إخلال بالخصوصية، فتصميمها يحقق تحكماً مريحاً في كمية أشعة الشمس وشدة الضوء داخل الغرف، فضلاً عن التحكم في اتجاه حركة الهواء أسفل أو أعلى الغرف من خلال (القلاليب)، وفي نفس الوقت تبدو “الشناشيل” متناسقة تماماً مع المناخ الاجتماعي السائد.
ووصف الدكتور علي الكناني “الشناشيل” بأنها حلقة وصل بين فنون العمارة البصرية بطابعها القديم ونسقها الحديثة، وإن انتشارها في البصرة ابتداءً من القرن السادس عشر يرتكز على مبررات موضوعية، فالبصرة معروفة برخاوة تربتها وارتفاع مناسيب مياهها الجوفية، وبيوت “الشناشيل” خفيفة نسبياً بسبب استخدام الخشب في تشييدها، ولا تحتاج عند البناء إلى حفر أسس عميقة، وأيضاً مناخ البصرة اللاهب صيفاً يجعل توظيف الخشب في البناء ضرورة لتخفيف الحرارة، ومن الأسباب الأخرى لشيوعها وفرة الخشب بأسعار مناسبة آنذاك، فضلاً عن كثرة الأيادي العاملة الماهرة.
وأكد عميد كلية الفنون الجميلة بالبصرة أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) أظهرت منذ عام 2018م بعض الاهتمام بمدينة البصرة القديمة وبيوت الشنانشيل، ومن المقرر أن يمول مع جهات دولية مشروعاً يشمل في مرحلته الأولى ترميم بعض بيوت “الشناشيل”.
المصدر : وكالة الانباء السعودية