لبناني سائح تائه في جمال رياضها!

مالك مكتبي / مشتشار التحرير 

يوم ذيّل الأمير خالد الفيصل روعته ”مجموعة إنســان“ بجملة: “في عيني اليمنى من الورد بستان، وفي عيني اليسرى عجاج السنين” لمّ يكن يغدق حبره لزيادة الأبيات أو تطابق القوافـي. كناّ على أبواب الألف الثالث، وكانت كبرى الممالك في مســاء عصرها القديم. لســت من عشاق الشعر، لكن الكلام أعلاه يروي حالي.

  • بساتين الخزامى..

كانت التسعينات تودّع يوم ودّعت المملكة العربية السعودية، بعدما أمضيت في رياضها طفولةّ وبعضا من شــباب. ما عادت قدماي داستا أرضها إلا في العام 2018، يوم ارتدت العلا فستان عرسها. لكن العودة هذه المرُة شابها شيء من اختلاف. لم أجدها المملكة التي تركتُّ قبل سنوات. غادرتها تشبه الكمال. عدت إليها تشــبه الأكمل. غادرتها في زمنها الجميل. عدتُ إليها وزمنها أجمل. لقيـت تلك القطعة من وجداني في حل والنهضة والضخامة والحركة… سمعتّ في صمت الصّحراء كل الكلام. رأيت ”في عيني عجاج السّنين” يتحوّل حياة، وتطوًرا، ومشاريع، وتكنولوجيا تُنافس أضخم الإنجازات العالميّة. رأيت الأمن والأمان يلفان المدن… كل هذا لم يمنعني من الرؤية ”في عيني اليمنى من الورد بستان“ ومن الخزامى بساتين ومن العبق البنفســجّي روعــة الضّيافة… ظًل ذاك الجوهــر جوهرا. يومها، مجموعة الإنســان التي في تشتت بين الإبهار الجديد والأصالة التي ما تزحزحت قيد أنملة. ضعت، صراحة.

  • ادمـــان حميــد!

لنعد إلى الأساس. هدفي من ذاك المشوار في الأصل كان السياحة. نعم، السياحة في المملكة العربية السعودية! أنا ابن أحلى البلدان لبنان الأخضر… أنا صديق الأرز و عاشــق بعلبك والتّائهُ بين هياكل جدران جعيتا، أتيت أضيف إلى جمال نظري جمالا. أتيت أسوح في المملكة. كنت أدرك ما في انتظاري، ولم أكن أدرك. ســمعّت الأذن عن العلًا بهيً الوصف، لكن العين ما شــافت يومَا. قيل لي تعال التحف بحرير من هنا، واستحم ببخور من هناك. أتيت. التحفت. استحممت. وجدتني في لب التحفة. العلا بذاتها كتلة تحف. أليس مشــهد الإياب إلى الحقول تحفة؟ حدقّ في أحجار الطنطورة المتراصة.. أوليــس المنظر تحفة؟ صوب نظرك إلى السماء هنا النجوم قريبة. اقطف. واحــدة، وإلى الجوف امش معي. تصل إلى ”زعبل“، يكون الصبح قد شــرق. شــمس القلعة حارقة، ككل جمال. جعنا. هنا خير هللا زيتون. ينتهي نظرك والأشجار ال تنتهي. تأكل معي؟ صحَة! لا تنسى التحليً بالتمور، تشعر بين آثار المملكــة أنك عالٍ عالٍ في تمامة العلو، كفارس علي جواد. مهلاّ. الفرســان في الســعودية جزرهم.  ”جزر فرسان“ سجادة من حضارات، وإنً تهًت في الطريق إلى فيروز مياهها وموجها المتكســر وأســماكها الـ 230 وطيورها الـ165 ونباتاتها الـ 180 وأصناف مرجانها الـ 50، ما عليك سوى مراجعة خرائط محميّات اليونيسكو للمحيط الحيوّي… فـ ”فرسان“ أدرجت كأول موقع في السعودية ضمن هذه المحميًات!

طــوى العــام 2018 ما طواه، وانتهت زيارتي يومها، لكن سياحتي في المملكة لم تنته. السياحة في المملكة العربية السعودية انضمت إلى قائمة إدماناتي، أغلبها كان أونلاين وعبر أبحاث احتلت من يومياتي محطّات.

  • روح السعــوديـــة

للأمانة، عمل وزارتيّ الثقافة والسًـياحة ووزارات أخــرى والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وجهات حكومية كثيرة كان جبًاراً، شــعار ”روح السعودية“ صار محط كلام ينطقٌ عند ذكر روائع المواقع.

على المقلب الآخر، في جهد الهيئة العامة للترفيه ما يستحق التصفيق غزير التصفيق. تلك الهيئة جعلت من السعوديةّ وجهة عالمية ومن الرياض معيار التًرفيه علــى الأرض. معلومة: تريليونا دولار هو حجم صناعة الترفيه عالمياً. دراســات وتحليلات اقتصاديةّ تتوقع وصول الإنفاق الاستهلاكي على الترفيًه في السعودية وحدها إلى 36 مليار ريال بحلول العام 2030!ّ

اليوم، موســم هذه الأرض يحصد عيده. موســم الرياض فــي عزته. وأنا أكتب أرفع نظري نحو شــرفتي، فأراني محاطاّ بخليج مــن دول ترفع الجباه لرشد إداراتها وحكمة حكامها؟ دول متعددة، إنما وطن واحد وشعب واحد وكرامة واحدة وروح واحدة!!!

  • الوجـهــــة

ردّت السـياحة في الســعوديّة ذهبية العصر القديــم إلى قرآني المملكة، وللحملات التسويقية الذّكية الفضل الأكبر في لمعان القطاع. إشراك القطاع الخاص في كبرى المشاريع لعب دورّا في نهضة الاقتصاد السّياحي، لا شك، وقد بردت حرارة جهود الموظفينّ الحكوميين وموظفي الشركات الخاصة من حرارة الجوّ المرتفعة، ليضحي العمل على السكة الصح من دون عوائق مناخية.

اليوم رؤية 2030 هي وجهة الغد، والمستقبل الجديــد ”نيوم“ العملاق لناظره قريب. من أقصى شمال غرب المملكة على طول ساحل البحر الأحمر، ستضحي الســعودية ذاك النموذج الرائد في جوانب الحياة المختلفة.  بالتكنولوجيا العابــرة للحدود والبنى التحتية الصديقة للبيئة والطاقة المتجدّدة وشبكة المطارات والميناء والمدن الصناعية ومراكز الإبداع لدعم الفنون، سيشــرق على العالــم، من تبوك، من أرض ضبــاء،  درس في التطور الرقمي والتٌقدٌم البشريٌ لتنويع موارد المملكة واقتصادها المرتهن للنٌفط.

أكرر: ”نيوم“ لناظره قريب.

أكرًر أيضا: رؤية 2030 هي وجهة الغد!

 

شارك المحتوى عبر: